ذي قار / حسين العامل
حذرت منظمات نسوية ومسؤولون محليون في ذي قار من اثار التغيرات المناخية على نساء الاهوار ومناطق الارياف التي تعرضت للجفاف، كاشفين عن محنة الاسر النازحة وما تواجهه من تحديات اقتصادية واجتماعية وصحية افضت الى وقوع بعض افراد تلك الاسر كضحايا للتسول والاتجار بالبشر وعمالة الاطفال.
وتطرق المشاركون في الندوة الحوارية التي اقامتها شبكة النساء العراقيات على قاعة سومريون لبحث تداعيات التغيرات المناخية وتأثيرها على المرأة الى جملة من القضايا المجتمعية والاقتصادية وعبر ثلاثة محاور تتعلق بالتلوث والجفاف وامراض السرطان.
وقالت الناشطة النسوية ايمان الامين خلال مشاركتها في الندوة التي حضرها ممثلون عن المنظمات المجتمعية واكاديميون ومسؤولون حكوميون ان “آثار التغيرات المناخية اخذت تزحف بقوة على حياة الاسرة العراقية في جنوبي العراق ولاسيما النساء”، مشيرة الى “نزوح وهجرة عدد غير قليل من الاسر من مناطق الاهوار والقرى الريفية التي تعرضت للجفاف”.
وتحدثت الامين عن “الاف الاسر النازحة المسجلة في دائرة الهجرة والمهجرين بفعل الجفاف”، وبينت ان “الكثير من اعباء الهجرة والنزوح تقع على كاهل المرأة وتنعكس على حياتها بصورة مباشرة من الناحية الاقتصادية والصحية ناهيك عن تعرضها الى العنف والتسول والاتجار بالبشر”.
وبينت ان “تغيير نمط ووسائل العيش له تداعيات كبيرة على الاسرة النازحة وان ابرز ضحايا النزوح هما النساء والاطفال الذين سيحرم الكثير منهم من الدراسة ويدفعهم الى سوق العمل مبكرا تحت ضغط حاجة الاسرة للمال”. ومن جانبه، قال معاون محافظ ذي قار للشؤون الادارية فيصل علي الشريفي خلال مشاركته في الندوة ان “الحكومة المحلية تتابع اثار التغيرات المناخية على السكان المحليين كون اثارها تشمل المجتمع ككل”، واوضح “فعندما تكون هناك مواسم من الشحة المائية ينعكس ذلك على مجمل حياة السكان في المناطق التي تتعرض للشحة والجفاف”.
ويجد الشريفي ان “الاوضاع الاقتصادية وفقدان فرص العمل لهما تأثير واضح على حياة النازحين ولاسيما النساء”.
وعن الاثار الصحية قال “لاحظنا زيادة في الاصابات المرضية بين افراد الاسر النازحة وفي المناطق التي تعاني من الجفاف وشحة المياه”.
وبدورهم تطرق المشاركون بالندوة الى انتشار الامراض الخطيرة من بينها السرطان، نتيجة تلوث المياه واثار الجفاف على التربة والبيئة والمناخ، مؤكدين تسجيل معدل اصابات مرتفعة بالأمراض المذكورة.
وتشهد مناطق اهوار الناصرية مع كل موجة جفاف هجرة سكانية وارتفاعا في معدلات البطالة بين السكان المحليين تجاوزت في الاعوام الاخيرة حاجز الـ60 بالمئة بعد ان فقد معظم العاملين في مجال تربية الجاموس وصيد الاسماك والاعمال الحرفية فرص عملهم نتيجة زحف التصحر والجفاف الذي طال المناطق التي كانت مغمورة بالمياه.
وكان مسؤولون وسكان محليون في مناطق الاهوار قد كشفوا نهاية العام الماضي عن تراجع القدرة الشرائية للسكان في المناطق المذكورة التي تواجه مخاطر الجفاف، وفيما اشاروا الى حالة كساد غير مسبوقة في الاسواق المحلية بسبب فقدان معظم السكان لفرص عملهم، أكدوا انهيار اسعار العقارات وانخفاض اسعارها الى النصف وسط رغبة شديدة بالنزوح.
وحذر مسؤولون محليون ومنظمات مجتمعية في ذي قار (مطلع تموز المنصرم) من ارتفاع معدلات التلوث في مصادر المياه، مشيرين الى بيانات اولية تظهر تلوث 90 بالمئة من المياه بالأملاح والمواد السامة.
وحذر مسؤولون ومواطنون في ذي قار (15 ايلول الحالي) من مخاطر ارتفاع الاصابات بالسرطان، داعين رئيس مجلس الوزراء لتشكيل لجنة وزارية موسعة للكشف عن الاسباب وتقديم دعم اكبر للمصابين بالأمراض المزمنة.
وكشفت منظمة طبيعة العراق في نهاية حزيران 2022، عن تراجع المساحات المغمورة بالمياه في اهوار الناصرية الى 15% مقارنة بعام 2019، مؤكدة أن الشح تسبب بمخاطر بيئية جمة وفقدان معظم السكان لمواردهم الاقتصادية المتمثلة بصيد الاسماك وتربية الجاموس والصناعات الحرفية فضلا عن انتشار الأمراض بين قطعان الجاموس.
وتشكل الأهوار خمس مساحة محافظة ذي قار وهي تتوزع على عشر وحدات إدارية من أصل 22 تضمها المحافظة، إذ تقدر مساحة أهوار الناصرية قبل تجفيفها مطلع تسعينيات القرن الماضي، بمليون و48 ألف دونم، في حين تبلغ المساحة التي أعيد غمرها بالمياه بعد عام 2003 نحو 50 بالمئة من مجمل المساحة الكلية لأهوار الناصرية، إلا أن هذه المساحة المغمورة سرعان ما تتقلص عقب التعرض لموجة جفاف او أزمة مياه وما أكثر تلك الموجات في البلاد التي كانت توصف فيما مضى ببلاد الرافدين.